
بقلم / صبري الدسوقي
لعل التطوّر الذي طرأ على مفهوم المنهج التعليمي في ظل الفـلسفـة التربوية الحديثة، أدى إلى تغيير مفهوم المنهج وتطويره من المفهوم الضيّق التقليدي الـذي اقتصرت أهـدافه على تحقيق النمـوّ المعرفي، مـن خلال المقرّرات الـدراسية إلى المفهـوم الـواسع والحديـث الـذي يتضمّن – حسب النظرية التربوية الحديثة – كلّ الخبرات التي تقدم للمتعلّم .
فبهذا المفهوم الحديث للمنهج التعليمي، تصبح الأنشطة المدرسية ركيزة مهمة من ركائز المنهج ودعامة قوية من دعائمه، بما يحقق أهداف التعليم في المراحل الدراسية المختلفة.
وتنبثق أهمية النشاط المدرسي من قيمته التربوية، فالأنشطة لها تأثيرها المباشر على العديد من سمات الشخصية لدى التلاميذ وذلك نظرًا لاستجابة تلك الأنشطة لميولهم ورغباتهم وحاجاتهم وتأثيرها على اتجاهاتهم. كما أن أهمية الأنشطة المدرسية تبدو واضحة في الأدبيات التربوية، حيث أثبتت الدراسات الدور الإيجابي لهذه الأنشطة المدرسية في العملية التعليمية والتربوية بشكل عام وفي سلوكيات التلاميذ بشكل خاص.
1- الأنشطة المدرسية … إشكالية مفهوم أم اختلاف مصطلح؟
************************************************
نسمع كثيرًا عن مصطلح (الأنشطة اللا منهجية)، وهو مصطلح يوحي بأن هناك أنشطة مدرسية لا ترتبط بالمنهج … ولعل هذا يقودنا للحديث عن الخلط السائد بين مصطلحي (منهج) و(مقرر) دراسي.
نسمع كثيرًا عن مصطلح (الأنشطة اللا منهجية)، وهو مصطلح يوحي بأن هناك أنشطة مدرسية لا ترتبط بالمنهج … ولعل هذا يقودنا للحديث عن الخلط السائد بين مصطلحي (منهج) و(مقرر) دراسي.
فالمنهج Curriculum بمفهومه الحديث يعني: جميع خبرات التعليم والتعلم (المعرفية، والمهارية، والوجدانية) الهادفة التي يتم التخطيط لها بشكل فردي أو جماعي، وتحقق قدرًا كبيرًا من التفاعل بين المعلم والمتعلم، وتتيح ممارسة العديد من الأنشطة داخل مؤسسات التعليم أو خارجها.
أما المقرر الدراسي Course: فهو العناوين والموضوعات والعناصر الرئيسة التي يدور حولها المحتوى العلمي لأي منهج أو برنامج تعليمي، أو دراسي، موجه لأي فئة أو مجموعة من الدارسين.
ويتضح مما سبق أن المنهج أشمل وأعم، وبذلك فهو يشمل جميع الأنشطة التي تنطلق من المدرسة وفق تخطيط محدد، بهدف إكساب التلاميذ المعرفة أو المهارة أو السلوك والقيم والاتجاهات، سواء كانت تلك الأنشطة متضمنة بصورة مباشرة في المقرر الدراسي كالأنشطة التعليمية أو غير متضمنة بصورة مباشرة كالأنشطة التي تنظمها المدرسة من رحلات وزيارات ومسابقات وغيرها.
وبذلك يتضح أن مصطلح (الأنشطة اللا منهجية) مصطلح غير دقيق، فإذا كانت هذه الأنشطة لا تحقق غايات المنهج وأهدافه فلم هي إذن؟ وإن كانت تحقق أهدافه فهي إذن أنشطة منهجية.
كما أن مصطلح (الأنشطة اللا منهجية) يعطي انطباعًا بعدم أهميتها، مما ينعكس سلبًا على نظرة المعلمين والتلاميذ تجاهها، كما أنه يتنافى مع تعريف دائرة المعارف الأمريكية للنشاط المدرسي، بأنه يتمثل في البرامج التي تنفذ بإشراف وتوجيه المدرسة، والتي تتناول كل ما يتصل بالحياة الدراسية وأنشطتها المختلفة، ذات الارتباط بالمواد الدراسية، أو الجوانب الاجتماعية والبيئية، أو الأندية ذات الاهتمامات الخاصة بالنواحي العملية، أو العلمية، أو الرياضية، أو الموسيقية، أو المسرحية، أو المطبوعات.
2- التخطيط للأنشطة المدرسية ضرورة لا ترف:
**************************************
يعتبر التخطيط مرحلة أساسية من مراحل العمل التربوي، إذ إنه يمثل مرحلة التفكير والتصور والمفاضلة بين الطرق والأساليب المختلفة، لاختيار أفضلها لتحقيق الأهداف، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات البشرية والمادية المتاحة، والظروف المحيطة. ويتضمن تخطيط الأنشطة المدرسية مرحلتين هما:
يعتبر التخطيط مرحلة أساسية من مراحل العمل التربوي، إذ إنه يمثل مرحلة التفكير والتصور والمفاضلة بين الطرق والأساليب المختلفة، لاختيار أفضلها لتحقيق الأهداف، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات البشرية والمادية المتاحة، والظروف المحيطة. ويتضمن تخطيط الأنشطة المدرسية مرحلتين هما:
مرحلة تحديد الأهداف:
إذ يعد تحديد الأهداف خطوة مهمة للغاية، من أجل تحديد المسار المناسب لنجاح التخطيط. وينبغي أن تشتق الأهداف العامة لخطة الأنشطة المدرسية من الخطة الاستراتيجية للمدرسة مستصحبة رؤيتها ورسالتها، كما يجب أن تكون هذه الأهداف مرتبطة بمعايير المواد الدراسية وأهدافها. وعلى القائمين على الأنشطة ترجمة الأهداف العامة إلى أهداف ذكية تتوافر فيها الشروط التي يذكرها الفكر الإداري التربوي ومنها: أن تستند تلك الأهداف إلى فلسفة تربوية وسيكولوجية سليمة، وأن تكون واضحة في صياغتها ،قابلة للقياس، واقعية تراعي الإمكانات البشرية والموارد المتاحة.
مرحلة بناء خطة الأنشطة المدرسية واعتمادها
: بعد أن يتم تحديد الأهداف وصياغتها بوضوح، تحدد البرامج والمشروعات التي يمكن من خلالها تحقيق تلك الأهداف، وفق الموارد المتاحة.
ومن خصائص خطط الأنشطة المدرسية الناجحة، أن تراعي الشمولية في برامجها، لتغطي الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية لدى المتعلم دون أن يطغى جانب على آخر.
كما تتسم الخطة الجيدة للأنشطة بالمرونة ومراعاة التكامل مع الخطة العامة للمدرسة، والخطط المدرسية الأخرى.
ولا ينبغي أن تغفل خطة الأنشطة المدرسية معايير النجاح ومستوى تحقق الأهداف المتوقع، ليتمكن القائمون على الأنشطة من تقويم الخطة في مراحلها المختلفة.
ومن الأهمية بمكان إشراك التلاميذ في مرحلة التخطيط للأنشطة المدرسية، بالقدر الذي يلبي حاجات التلميذ وبما يناسب مرحلته العمرية، وبذلك نربي أبناءنا على القيادة وحب العمل والتخطيط وتحمل المسؤولية.
وبعد بناء الخطة في صورتها النهائية من قبل فريق العمل، ترفع إلى إدارة المدرسة ، لدراستها بدقة، ومناقشتها، ومن ثم اعتمادها للتطبيق.
3- تقويم الأنشطة المدرسية لضمان التحسين المستمر:
******************************************
تمر العمليات التربوية بثلاث مراحل مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً، وهي: التخطيط، والتنفيذ، والتقويم، ثم الاستفادة من نتائج التقويم في إعادة التخطيط، لتكتمل بذلك ما يعرف بدائرة الجودة
تمر العمليات التربوية بثلاث مراحل مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً، وهي: التخطيط، والتنفيذ، والتقويم، ثم الاستفادة من نتائج التقويم في إعادة التخطيط، لتكتمل بذلك ما يعرف بدائرة الجودة