بقلم / حمدي البابلي من المعروف ان التعليم الفني والتقني هو قاطرة التنمية في اغلب دول العالم المتقدم ،الأمثلة كثيرة ومتعددة لدول رائدة في هذا المضمار ،يعرفها عن كثب علماء التربية المقارنة بكليات التربية المنتشرة علي الخريطة الجغرافية للدولة المصرية ، ويعرفها أيضا هواة القراءة والإطلاع لتجارب متميزةحازت على دهشة خبراء التربية في زمن قياسي ، حققت معها رواجا اقتصاديا وانتعاشا لخزينة الدولة بارتفاع دخلها القومى .
التعليم هو مفتاح التنمية ورأس عامود الخيمة لأي نظام مؤسسي للدولة ، وهو استثمار أمثل يؤتي نتائجه وثماره اذا احسن توجيه رأس المال في مساره الصحيح للمدخلات التعليمية بغية الحصول على مخرجات عالية الجودة .
والتعليم الفني علي وجه الخصوص كنز ثمين لم يكتشف بعد ، ولم تنظر إليه عين خبيرة واعية تنفض التراب من علي وجهه المشرق بالأمل ، فكل الدول التي أحرزت تقدما في هذا النوع من التعليم ، اولته عناية خاصة من حيث التمويل والرقابة والمتابعة الدقيقة لمواكبة التطور التكنولوجي السريع ، وذلك للوفاء بقائمة الانتظار الطويلة لرجال الأعمال والمستثمرون للحصول علي مخرجات عالية الجودة من التعليم الفني .
السيد الوزير لم يسعفه الوقت لمتابعة قطاع التعليم الفني ، فكانت رؤية القيادة السياسية بتعيين نائبا للوزير للتعليم الفني ، مر عام كامل على تعيين سيادة النائب ، تواصل خلالها مع كل من له رؤية من أبناء التعليم الفني ، حتى تبلورت الجهود والمشاورات والمناقشات إلى مقترحات ،ثم الخروج برؤية عامة عن التطوير المزمع في الجدارات والمهارات ، وهى أفكار عظيمة تحقق ثورة تقنية علي الطرق القديمة في التعليم والتدريب المهنى والفني ، وهذا الأمر يحتاج إلى إطلاق يد الدكتور النائب باستقلالية اتخاذ القرار واستقلالية التمويل حتي يستطيع تنفيذ خطة التطوير
كلنا يعلم ماحدث في العام الدراسي الماضى من عثرات وكبوات كانت حديث الساعة ، وتعرضت الوزارة ومعها السيد الوزير لانتقادات حادة مازالت تتردد حتى الآن ، إلى حد المطالبة بإقالة الوزير ، لسنا مع تغيير الوزراء عند كل مشكلة ، لكننا مع وضع سياسة تعليمية ثابتة ونظام تعليمى جيد لايتغير بتغير الوزراء ، فعلى مدار سنوات مضت كان ابناؤنا حقلا لتجارب الوزراء في النظام والسياسة التعليمية .
ان دولة بحجم مصر تحتاج إلى وزير متفرغ للتعليم العام وآخر متفرغ للتعليم الفنى ، ووضع سياسات تعليمية ثابتة تحقق الأهداف العامة للدولة ، ومن ثم نستطيع محاسبة الوزير عند اخفاقه في تحقيق النتائج المرجوة .
اذا احسن انتقاء المناهج التطبيقية المتطورة من نظم حديثة لدول متقدمة واستغلال الكفاءات الفنية من المعلمين بالتعليم الفنى لتحويل المدارس إلى مؤسسات منتجة فعليا تشبع رغبة السوق المحلي بالمنتج الجيد والخريج الماهر ، سنقفز خطوات إلى الإمام في طريق التنمية دون اي أعباء مالية لخزانة الدولة باعادة تدوير رأس المال عند بيع المنتجات مع هامش ربح بسيط يعود بالنفع علي المعلم والطالب والإدارة المدرسية
ولن يتحقق ذلك الا بتحقيق الأمان النفسي والمعنوي والمادى للمعلمين وفوق كل ذلك وزير متفرغ يستطيع إدارة هذه المنظومة الفنية المتشعبة بالحكمة وفنون الإدارة الحديثة التي ربما تطلق لمفهوم العلاقات الإنسانية العنان بمبدأ الثواب والعقاب لتحصد نتائج قد تدهش الجميع .
فهل نحظى في القريب العاجل بوزير للتعليم الفنى والتدريب ننطلق معه إلى آفاق أرحب وأوسع ؟