التعليم الفنى يتحدى كورونا….«أوكرة ذكية» وذراع آلية وروبوت تعقيم أبرز إبداعات «فنى مبتكر»

د. محمد مجاهد: نماذج مضيئة تسهم فى تحسين نظرة المجتمع للتعليم الفنى
د. محمود صقر: نحفز طلاب المدارس المهنية على وضع الحلول للتحديات التقنية للجائحة
ظرف استثنائى يمر به العالم أجمع فى مواجهة جائحة كورونا .. تتضافر جهود العلماء للتوعية بالمخاطر والإجراءات الاحترازية و لمحاولة إيجاد اللقاحات .. وسط هذه المحنة تولد منحة وفرصة لتنبيه وتوعية طلابنا بأن العلم والابتكار ـ ولا شىء آخر ـ سيظل هو (الحل الأمثل) فى خدمة البشرية وحمايتها، حيث فتحت وزارة التربية والتعليم – بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا وجمعية اتصال والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية – آفاق الإبداع والابتكار لأبنائها من طلاب وخريجى التعليم الفنى للمساهمة فى مواجهة الجائحة من خلال مسابقة (فنى يتحدى كورونا ) لنفاجأ بـ(نماذج مضيئة) من المخترعين الصغار يمكن أن يمثلوا نواة لجيل المستقبل الذى نحلم به.
البداية كانت مع صاحب اختراع «الأوكرة الذكية» الطالب محمد عبدالرحمن زايد بمدرسة برج العرب الصناعية العسكرية ب الإسكندرية والحاصل على المركز الأول، حيث أوضح أن فكرة ابتكاره راودته فور تحذير منظمة الصحة العالمية من أن (التلامس) هو أحد أبرز وسائل نقل العدوى وأنه بالبحث وجد أن أكثر وأخطر الأسطح الأكثر عرضة لحدوث التلامس والعدوى هى (أوكرة الباب) ومن هنا ابتكر ما سماه (الأوكرة الذكية) والتى تقوم فكرتها ببساطة على فتح وإغلاق الأبواب عن طريق القدم بالضغط على (دواسة) مرتبطة بالأوكرة عن طريق «واير» أو سلك مع تحديث الفكرة بتركيب جهاز دفع هيدروليك مع الأبواب الثقيلة، كما نعمل حاليا على استخدام الفكرة داخل المصاعد والأسانسيرات بتحويل الضغط على الأزرار إلى أماكن وعلامات أرضية يمكن الضغط عليها بالقدم بدلا من الأيدى الناقلة للعدوى.
ويقول فرج عبدالله – مسئول الابتكار وريادة الأعمال بمدرسة برج العرب الصناعية العسكرية و الفائزة بالمركز الأول لهذا العام والمشرف على ابتكار عبدالرحمن-: إنها ليست المرة الأولى التى تفوز فيها المدرسة حيث سبق للمدرسة الفوز بالمركز الثانى فى العام الماضى، لافتا إلى أن القيادة الجديدة بالمدرسة أولت الطالب الفائز تشجيعا كبيرا فور ترشيحه ضمن المراكز الأولى وهو ما كان له أثره الكبير فى تحفيز الطالب على تحقيق مركز متقدم، كما قامت بتكريمه فور فوزه، وكذلك وعدته الوزارة ومسئولو المسابقة بتعميم فكرته وابتكاره (الأوكرة الذكية) على جميع مدارس الجمهورية.
كمامات جذابة
( الكروشيه يتحدى ال كورونا ) تحت هذه اللافتة، جاء ابتكار سماء أشرف حسن وياسمين محمد الطالبتين بمدرسة رشدى الثانوية الصناعية ب الإسكندرية والحاصلتين على المركز الثانى، وتحدثت ياسمين عن فكرتهما بأنها تقوم على عمل كمامات وزجاجات كحول للأطفال من سن 4 إلى 9 سنوات بطريقة مبتكرة وبتصميم جديد لجعل الطفل يحب الكمامة من خلال تصميمها بشكل مجسم أو الرسم الكرتونى عليها بالألوان و الأشكال المحببة للأطفال.
أما آية سلامة محمد – الطالبة بالمدرسة الزخرفية الثانوية بنات بالإسماعيلية وصاحبة المركز الثالث – فقد كشفت تفاصيل ابتكارها الذى أطلقت عليه اسم (أمانى) وهو عبارة عن جهاز تعقيم غير يدوى يعمل عن طريق مفتاح ضغط، حيث يتم الضغط عليه بالقدم فيخرج المعقم عن طريق أنبوب بكمية صغيرة، ويتم التحكم فى كمية المعقم من خلال مدة الضغط على المفتاح.
أذرع آلية
عدم إغلاق المصانع بسبب انتشار العدوى مع ضمان استمرار تدفق المنتجات للأسواق، مهمة صعبة تصدى لها الشقيقان: محمد وعبدالحميد بدير عبدالحى الطالبان بالمدرسة الثانوية الصناعية بنين ب منيا القمح ب الشرقية ، حيث تمكنا من ابتكار «ذراع آلية» لنقل المنتجات وتغليفها وتخزينها، يتم تركيبها على خطوط الإنتاج بالمصانع بهدف تحقيق تباعد المسافات وتقليل فرص التلامس بين العمال والمنتجات لمنع انتشار العدوى، وهى الفكرة التى دفعت بصاحبيها لنيل جائزة صوت الجمهور.
وفى سياق (الروبوتات) أيضا يأتى ابتكار منى أسامة المسدى ومريم أحمد الطالبتين بمدرسة زفتى الثانوية الصناعية بنات بالغربية، وهو روبوت يعمل عن بعد ويستخدم لتعقيم الأشخاص والأماكن عبارة عن مجسم على شكل فيل مصنوع من الألومنيوم المقوى وبه عدة حلقات.
أما فارس صلاح على الطالب بمدرسة الشاطبى الميكانيكية ب الإسكندرية فأوضح أن ابتكاره استهدف تطهير المستشفيات ووحدات العزل الطبى والطواقم الطبية – باعتبارهم خط الدفاع الأول ضد الفيروس – من خلال (روبوت) يعمل لاسلكيا عن طريق الموبايل بخاصية البلوتوث أو الواى فاى للقيام بعملية التعقيم سواء بالمواد الكيميائية أو الأشعة فوق البنفسجية، مؤكدا أن ابتكاره صناعة مصرية مائة بالمائة.
«نونا» الإلكترونية
أما ذوو الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم ، فقد كان لهم نصيبهم، حيث استهدفهم ابتكار الطالبتين هبة محيى الدين نصر وغادة لطفى من مدرسة زفتى الثانوية الصناعية بنات بالغربية، واللتين أكدتا قيامهما بإطلاق مجلة إلكترونية هدفها توعية الأطفال عامة والأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة الصم والبكم بكل ما يخص فيروس كورونا وطرق الوقاية منه تحت اسم «نونا».
تطبيق «طازة»
اسم غريب، ولكن اختاره أحمد عماد غريب الطالب بمدرسة بورسعيد الثانوية الفندقية، لإطلاقه على الموقع الإلكترونى وتطبيق الهاتف اللذين صممهما بهدف تقديم وتوصيل المنتجات الغذائية كاللحوم والدواجن والخضراوات والفواكه طازة للعملاء فى منازلهم لمنع انتشار العدوى بالفيروس.
تعقيم ذاتى بالصعيد
وكعهدها نالت محافظات الصعيد نصيبها من الإبداع والابتكار وجاء هذه المرة على يد محمد إمام محمد وخالد عباس نجم الدين الطالبين بمدرسة الطاقة الشمسية المتجددة ببنبان بأسوان بابتكارهما اللذين أطلقا عليه اسم (بدلة الوقاية) وهو عبارة عن بدلة وقاية تعقم نفسها ذاتيا كل فترة وبصفة مستمرة عن طريق حساس حركة وحساس حرارة مرتبطين بتطبيق تم تصميمه على الهاتف المحمول، ويعمل على التواصل والربط والتعرف على الأشخاص المصابين وإبلاغ بياناتهم للجهات المسئولة.
ولأن العملات الورقية والمعدنية من أكثر وسائل نقل العدوى فقد عمل يوسف مصطفى جابر و محمود إمام بيومى – الطالبان بمدرسة الحرية الثانوية الفندقية بشبين الكوم بالمنوفية – على تصميم آلة شبيهة بآلة « ATM » مزودة بآلية للدفع الإلكترونى من خلال (الكريدت كارد)، وأوضحا أن فكرتهما تقوم على تحقيق أقصى درجات التباعد فى الحصول على الخدمة، حيث يقوم العميل بتسجيل طلبه بنفسه على هذه الآلة لتتولى نقله إلى مقدم الخدمة عن طريق سير، ثم تبعث الآلة برسالة من خلال أكواد الموبايل بالزمن الذى سيستغرقه إتمام الخدمة وكل ذلك دون الحاجة إلى وسيط.
نماذج مضيئة
الدكتور محمد مجاهد نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى، أوضح أن المسابقة تهدف إلى دعم الابتكار والتفكير العلمي لحل المشكلات الملحة فى المجتمع من خلال التواصل الرقمي، وكذا المساهمة فى نشر الوعي بخطورة الفيروس ومواجهة انتشاره وآليات التغلب عليه من خلال اتخاذه جزءا من عنوان المسابقة، بالإضافة إلى الإسهام فى تحسين الصورة الذهنية للمجتمع عن طلاب التعليم الفنى من خلال عرض النماذج المضيئة منهم فى مجال الابتكار وريادة الأعمال، مشيرا إلى أنه تمت صياغة مجالات المشاركة فى المسابقة فى 5 تحديات يقوم الطلاب فيها بتقديم ابتكار وفكرة مشروع ذات جدوى اقتصادية فى مجالات التطهير والتعقيم للأشخاص والأماكن، وتقليل انتقال الفيروس والتلامس مع الأسطح، وطرق توزيع المنتجات بشكل آمن، والأكل الصحي والآمن والنظيف فى أوقات انتشار الفيروسات، مع زيادة الوعي عن انتشار الفيروسات والأوبئة.
حلول مبتكرة
من جانبه أشار الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ، إلى أن الأكاديمية تتخذ منهجا فى إدارة وتنفيذ المسابقة يتكامل بشكل مباشر ويتوافق مع رؤية مصر 2030 ، والتى تركز بشكل أساسى على تحقيق متطلبات التنمية المستدامة، وأن أهمية هذه المسابقة تكمن فى التكامل والمشاركة حيث تنطلق بتكاتف أربع جهات تمثل القطاعين الحكومى والخاص ومؤسسات المجتمع المدنى.
طابع استثنائى
أما الدكتور عمرو سليمان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة الخارجية بجامعة حلوان وأحد مسئولى المسابقة، فأكد أن مسابقة هذا العام، كان طابعها استثنائياً، حيث لم تقتصر على مواجهة تحديات كورونا ، وإنما كان تنظيمها فى ظل الجائحة (تحديا) فى حد ذاته، حيث تم تنظيمها رقميا (أونلاين) بعدما نجحت خلال العامين الماضيين فى أن تكون أكبر مسابقة متخصصة موجهة للتعليم الفني فى مصر وفى الشرق الأوسط، من حيث عدد المشاركين، والمجالات والمسارات المتخصصة، والتى بدأت فى مدارس التعليم الفنى فى 11 محافظة لتنطلق إلى جميع مدارس التعليم الفني على مستوى الجمهورية.
وحول أعداد الطلاب وأفكار المشاركين أوضح سليمان أن التصفيات التمهيدية للمسابقة أسفرت عن تقديم 282 فكرة مشروع لعدد 482 طالبا وطالبة يمثلون 15 محافظة، وبلغ إجمالي الأفكار المقدمة من الخريجين نحو 47 فكرة منها 13 فكرة مقدمة من خريجين ملتحقين بسوق العمل و34 فكرة من خريجين جدد، لم يلتحقوا بسوق العمل بعد، بينما كان عدد الأفكار الأكبر مقدمة من طلاب حاليين بنحو 248 فكرة مشروع موزعة على السنوات المختلفة، وقد تم تقييم تلك الافكار من خلال لجنة متخصصة اسفرت عن اختيار 104 أفكار تقدم بها 174 مشاركا، حيث تم تقديم تدريبات وورش عمل خلال تلك المرحلة للمشاركين بشكل رقمي من خلال المنصات والوسائط المختلفة، حتى وصل قطار المسابقة إلى محطته الأخيرة ليصعد إلى نهائيات المسابقة 10 مشروعات، فازت منها ثلاثة ابتكارات بالمراكز الأولى، ولتبرهن التجربة على أن عقول طلاب مصر قادرة على الابتكار والإبداع عندما تتوافر لها الفرصة والإمكانات.